وكالة وجريدة بيت العرب الاخباريه الدولية .. المقالات .. حكم التكنوقراط هو مفهوم أجنبي

أسم الموقع : وكالة وجريدة بيت العرب الاخباريه الدولية

عنوان الصفحة
حكم التكنوقراط هو مفهوم أجنبي
محتوى الصفحة

الكاتب والاعلامي باسم الشمري

حكم التكنوقراط هو مفهوم أجنبي ويعني بالدرجة الأولى التوجه لاختيار أصحاب الكفاءة والخبرة والاختصاص في اشغال المراكز المهمة للدولة ابتداءا" من الرؤساء وحتى أصغر منتسبي الدولة. ويصاحب ذلك اصدار القوانين والأوامر الضرورية حسب التفاصيل بما في ذلك الدستور والبرلمان والقوانين الفرعية. وهذه في الواقع هي تعبير كامل عن حكم الفنيين من ذوي الاختصاص والدراية والخبرة ووفقا" لمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين، ويرتبط ذلك بوضع نموذج اداري لعموم الدولة وازالة سوء الادارة في اغلب المؤسسات

ان مراجعة قواميس السياسة والنظرية السياسية تؤكد على أن التكنوقراط هو مفهوم مركب من: تكنو (Techno) و قراط (crat) أي أن التكنوقراط يعني حكم الفنيين اوأصحاب الكفاءة . والمقصود بذلك هو تأكيد مبدأ حقوق الأنسان وتكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع. وهو ايضا" ميزة للأنظمة الديموقراطية في العالم الحريصة على حقوق أبنائها والافادة من الامكانات والميزات الحسنة لديهم في ادارة الدولة ومؤسساتها. وكان ينبغي أن يؤخذ به في الماضي القريب. الا أن تعنت بعض الفئات الحاكمة قد أجهض هذه الامكانية وأدى الى الأخذ بالمفهوم الشمولي للدولة. فلا يستطيع أحد أن يتصور ان المرافق الرئيسية للدولة موزعة الآن على ممثلي الأحزاب الدينية والأثنية (الكردية) دون اعتبار لمبادئ المساواة بين المواطنين وتحميل الاداء الحكومي وبال خطر ليس من حيث الكفاءة وسلامة الأداء واحترام المواطنين دون تمييز أو تحيز فضلا" عن انتشار الفساد بجميع انواعه. لم يعد الآن لدينا دولة متماسكة ولا مصالحة وطنية راسخة ولا أداء اقتصادي رصين. فالاقتصاد الوطني يعاني اليوم من محنة كبيرة بسبب انخفاض اسعار النفط والتخبط بسياسات اقتصادية وتمويلية تترك عواقبها الوخيمة على حياة الناس واستقرار البلد وفتحت الطريق لاحتلال غاشم لبقعة كبيرة من أرض العراق كما تعمقت حالة الانقسام الداخلي بين الاقليم والدولة وتطور ذلك الى خلافات بل تصادمات في السياسة المالية وأوجه الرقابة الوطنية المشتركة. فالانقسام الوطني الآن معضلة كبيرة لاينبغي الاستهانة بها أبدا" وهي تتطلب أن يجري التوصل الى سياسة عقلانية مسؤولة وحريصة على وحدة البلاد واستعادة الكيان الموحد للدولة العراقية. أن احاديث رئيس الوزراء حول هذه النقطة مهمة وصالحة وينبغي التمسك بها بغية اخراج البلد من المأزق الراهن واقامة ادارة حكومية مجدية وسليمة. لكن التخبط يحيط هذه الدعوة بسبب عدم وضوح الأسس الوجب اتباعها وأهمها نبذ المحاصصة الطائفية والأثنية والتمسك بقواعد سليمة لبناء الدولة واختيار العناصر الكفوءة حقا" للمشاركة في حكم البلاد. إن ألأعتماد على ألكتل البرلمانية الكبيرة وعدم الاشارة الى أن البلد برمته من فئات اجتماعية ومثقفين (رجالا" ونساءا") وسواهم معنيون بهذا التوجه الكبير. فلا يصح أن يقتصر الاتصال فقط بالكتل الكبيرة في البرلمان. فهنالك أيضا" اوساط مستقلة ومتنفذة ينبغي أن يكون لها رأي بذلك. وهنا تبرز الحاجة الملحة إلى أن يكون السيد رئيس الوزراء منفتحاً عليهم" مع هذا التوجه هذه نقطة تحول أولية للانتقال من الحكم الشمولي الى النهج الديموقراطي السليم. وهذا ما تكرر كثيرا" في بعض الأجهزة الاعلامية واللقاءات الخاصة مع المسؤولين ورئيس الوزراء شخصيا". فلا يمكن أن نتصور هذا التحول أن يتم ما لم يخرج رئيس الوزراء من دائرة التطويق حوله التي تفرضها الفئات الحاكمة حاليا" وترفض الانتقال الى الممارسات الديموقراطية وحكم الأكفاء وذوي الخبرة من المواطنين، أي تتمسك بالمفهوم الشمولي للدولة المرفوض عالميا". فهنالك عدد كبير من الاصلاحات مطلوب تحقيقها وفق مبادئ الحكم الرشيد والدراسة المتأنية وبعيدة كل البعد عن الانحيازات للأفراد المقربين وتأكيد مبدأ التساوي أمام جميع المواطنين والتمسك بالتوافق الوطني غير الطائفي. هذا هو النهج الذي يمكن من خلاله اقامة دولة قانون وعدالة حقيقية ومساواة بين ابناء البلد. *

تاريخ الأضافة : 2016-08-24
الرجوع الى الصفحة الرئيسية