بقلم/ عدنان صگر الخليفه
يواجه العراق، مهد الحضارات، واقعًا مأساويًا قوامه ثلاثية مدمرة: قسوة حكومات متعاقبة، سخرية من الخارج، ونار طائفية مستعرة. هذا التحقيق يفكك هذه الثلاثية القاتلة، متسائلًا عن منطق إدانة شعب رازح تحت القمع، ومستهزأ به من بعيد، وممزق بانقسامات داخلية. لعقود، مارس الحكم المستبد في العراق أبشع صنوف القمع، مصادرًا الحريات ومكممًا الأفواه. ورغم ذلك، قاوم العراقيون وقدموا تضحيات جمة للحرية، قوبلت بعنف ممنهج. في ظل فساد مستشر وتدهور الخدمات، يصبح لوم الشعب على "قبوله" بالأنظمة تجاهلًا لوحشية تلك الأنظمة وسطوتها. يُضاف
إلى ذلك، الاستهزاء المرير من قبل بعض المغتربين والسياسيين، الذين يطلقون
أحكامًا من منابر آمنة، متناسين قسوة الواقع العراقي. هذه الاتهامات
بالجبن أو الخيانة تمثل خذلانًا لشعب يستحق الدعم لا اللوم، وتكشف عن
انفصال عن حقيقة المعاناة. أما
نار الطائفية، فتُمزق النسيج الاجتماعي العراقي. الانقسامات العميقة بين
المكونات، والتنابز المستمر، يخدم أجندات سياسية ضيقة وتدخلات خارجية
خبيثة، معيقًا أي مصالحة حقيقية. تحميل طائفة بعينها المسؤولية عن كل العلل
هو تضليل وتجاهل للمسؤولية الجماعية والنخب الفاسدة. إن
إدانة شعب مُقهر، والاستهزاء بآلامه من الخارج، وتأجيج نار الطائفية، كلها
عوامل تُبقي العراق أسيرًا لدائرة مفرغة من العنف والتدهور. بدلًا من كيل
الاتهامات، يجب على الجميع الاعتراف بحجم المعاناة والعمل نحو مصالحة وطنية
حقيقية وبناء دولة مواطنة عادلة. العراق، بتراثه وتضحياته، يستحق أن يتحرر
من ثلاثية القهر هذه.
عدنان صگر الخليفه تجمع اهل العراق
أرسلت بواسطة: أدارة الموقع | التاريخ: 26-03-2025 | الوقـت: 12:50:57 صباحا |
|