وكالة وجريدة بيت العرب الاخباريه الدولية Alsco Software
netoops blog
الأحصائيات
عدد زوار الحالي:64
عدد زوار اليوم:3833
عدد زوار الشهر:86535
عدد زوار السنة:1507098
عدد الزوار الأجمالي:1507098
القائمة الرئيسية
 هل انت داعم للمرشحة الدكتورة سعاد الزبيدي
نعم وبشدة
ربما
لا



النتائــج
المزيد من الأستفتائات

عدد المصوتين: 17

البريد الالكتروني


ما بعد العجز

كتب رياض الفرطوسي 
في زمنٍ تختلط فيه الشعارات بالضجيج، وتغيب البوصلة بين السياسة والمعنى، يبدو العراق وكأنه يقف على حافة سؤال وجودي لا سياسي: من أين نبدأ استعادة الفعل؟
فالعجز هنا ليس مجرد فشل في الإدارة أو الأداء، بل انسداد في المخيلة الوطنية، حين يتحول التفكير إلى عادةٍ تبرر العجز بدل أن تفككه.

لقد أُنهك الوعي العراقي من كثرة ما جُرِّب عليه. كل مرحلة تعده بالخلاص، ثم تتركه على حافة جديدة من الخيبة. لم تعد المعارك تدور حول الأفكار، بل حول الرموز التي فقدت معناها الأصلي وصارت رايات فارغة. في هذا الركام، يولد ما يمكن تسميته بـ«وعي ما بعد العجز»؛ وعي يتخلى عن أوهام البطولة، ويتعامل مع التغيير كعملية تراكم لا كمعجزة.

هذا الوعي الجديد لا يصرخ في الشارع، بل يعمل في صمت المختبر. يرى في المشاركة السياسية ـ مهما كانت محدودة ـ نافذة لإعادة إنتاج المعنى من داخل النظام لا خارجه. لا يقاطع الانتخابات من باب اليأس، ولا يقدّسها من باب الإيمان الأعمى، بل يتعامل معها كأداة في معركة أطول: معركة استعادة الثقة بالعقل العام.

المشكلة، كما تظهر في قراءة المشهد، ليست فقط في السلطة، بل في الذهنية الاجتماعية التي اعتادت النظر إلى الدولة كجسم غريب. فكل طرف يحمّل الآخر مسؤولية الخراب، ولا أحد يجرؤ على كسر الحلقة. وهنا تكمن المعضلة الكبرى: لا يمكن إصلاح السياسة دون إعادة بناء العلاقة بين المواطن والمعنى، بين الفرد وفكرته عن الوطن.

منذ عقدين، تراكمت طبقات من الإحباط في الوعي الجمعي العراقي. لكن خلف هذا الإحباط ثمة تحول بطيء، يشبه تياراً خفياً تحت سطح الصخب. شباب يقرأون الواقع بلغة جديدة، يتعاملون مع الهويات بوصفها مساحات للتكامل لا للتناحر، ويطرحون أسئلة لم تكن ممكنة قبل سنوات:
كيف يمكن أن نصنع دولة من دون أن نعيد إنتاج الاستبداد؟
كيف نصوغ خطاباً وطنياً من دون أن نسقط في شَرَك الشعارات القديمة؟

هذه الأسئلة لا تملك أجوبة جاهزة، لكنها تكشف انتقالاً جوهرياً من مرحلة “رد الفعل” إلى مرحلة “الفعل الواعي”.
فالعراقي الذي كان يرى في الغضب خلاصاً، بدأ يدرك أن الصبر جزء من المعركة، وأن بناء الدولة يحتاج خيالاً أطول من دورة انتخابية، وأعمق من انفعال لحظة.

ربما لهذا يمكن القول إن العراق يعيش الآن بداية تشكّل ثقافة سياسية مختلفة؛ ثقافة لا تُقصي الماضي لكنها تفككه، ولا تقدّس الحاضر لكنها تفهمه. ثقافة تعرف أن الوعي ليس بياناً، بل سلوك يومي في مواجهة الكسل الفكري، وأن التغيير يبدأ حين يصبح السؤال نفسه فعلاً.

العجز إذن ليس قدراً، بل مرحلة من التاريخ.
وحين يعترف مجتمعٌ بعجزه، يكون قد بدأ أول خطوة في تجاوزه.
ذلك أن الوعي، في نهاية المطاف، لا يولد من الانتصار، بل من فهم الهزيمة.

أرسلت بواسطة: أدارة الموقع | التاريخ: 04-11-2025 | الوقـت: 05:56:50 مساءا |

المواضيع المرتبطة بهذا المقال

2025-11-15 - الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين تحقق جائزة أفضل الأجنحة المشاركة ,وتتلقى التهاني من الوزراء والمسؤولين
2025-11-15 - د.الشيخ : النوم بسماعات البلوتوث في الأذن خطر يهدد "السمع"
2025-11-15 - ممرات مبنى “تعليم الطائف ” تتحول إلى واحة خضراء
2025-11-15 - مجلس أولياء الأمور بمتوسطة الحديبية بالهفوف
2025-11-15 - ‏بيئة العاصمة المقدسة تردم بئر مكشوفة بمحافظة بحرة ضمن جهود حماية السلامة العامة
2025-11-15 - دولة الكويت تستضيف اجتماع مجلس إدارة اتحاد الصحفيين الخليجيين القادم بمشاركة أكثر من ثلاثين صحفية وإعلامية خليجية
2025-11-15 - تعليم الطائف ينفذ برنامج تثقيفي عن برامج التطعيم والحملات الوطنية داخل المدارس
2025-11-15 - شاولي : "السكري" لا يؤثر فقط على الدم بل يترك بصمته على "الجلد" أيضا
2025-11-15 - مبادرة رياضية جديدة تعني بشؤون الادارة الرياضية العربية والعالمية
2025-11-15 - معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة يشيد بجهود مجموعة دله البركة في خدمة ضيوف الرحمن
التصويت على المقال

المعدل: المعدل: 0عدد المصوتين:0

_EXCELLENT _VERYGOOD _GOOD _REGULAR _BAD
التعليقات
اسمك الشخصي:
أضافة تعليق:
الكود الأمني:



Share
البحث في المحتويات
التقويم

صفحة جديدة 1